الثلاثاء، 14 مايو 2013


حرية البحث العلمي في الإسلام
بقلم الباحث/ مصطف محمود علي
      في الوسع القول بأن المسلمين عامة كانوا أكثر حرية في دراسة المسائل العلمية ومناقشتها، حتى لو تعارضت مع مذهب أو رأي ديني، وأن الباحث المسلم كان أكثر حرية من الباحث الأوربي، في الإتيان بالنظريات العلمية.
   وأما الفترات العصبية التي مرت بالتاريخ الإسلامي في أيام بعض الخلفاء العباسيين، والتي حُجر فيها على البحث في بعض الموضوعات الفلسفية أو المذهبية، كالبحث مثلاً في موضوع خلق القرآن، وهل هو قديم أم حديث، فقد كانت دواعيها هي خوف الخليفة من أن يفقد احترام الناس له ولمنزلته الكبيرة، وبالتالي نفوذه وسلطانه.
    وتكمن أسباب الجمود والتأخر وما يسمى بظلمة القرون الوسطى في أوربا في انعدام حرية الرأي والبحث، بينما تقدمت الحركة العلمية وتوسعت في العالم الإسلامي في هذه الفترة، فقد كان محظوراً على الباحث أو العالم الأوربي أن يدلي بأي رأي أو نظرية فى ظل وجود الكنائس المسيحية المسيطرة علي الفكر آنذاك، وكانت العقوبة شديدة لمن تسوّل له نفسه معارضة الآراء الدينية النصرانية، في حين أن الحرية في البحث وفي العكوف على نفس العلوم والنظريات العلمية، وقبولها أو مناقشتها أو ردها، كانت سائدة في المجتمع الإسلامي في القرون الوسطى، وما بعدها إلي الآن.
   ومع أن إشعاعا من العلوم والفنون الشرقية كان يصل إلى الغرب، إلا أن الجو الحاكم المهيمن على ذلك المجتمع كان غارقاً في ظلام حالك، ولم تتمكن علوم الشرق وثقافته من النفاذ إلى الوسط العلمي هناك، اللهم إلا بالنسبة لبعض فروعها كالطب والصيدلة.
    فقد انتقلت إلى الغرب أرجوزة ابن سينا في الطب، ووضعت لها ترجمة باللاتينية، وقل من لم يحفظ أو يقرأ الترجمة اللاتينية بهذا المرجع بين أطباء الغرب في تلك الفترة، أما علوم الهيئة والنجوم فلم يكن يسمح بنقلها إلى الغرب[1].
   واستمر تقدم العرب المسلمين في البحث بحرية في كل المسائل الدنيوية والعقائدية، ولم تكن هناك معوقات لذا رائينا، أن هناك علماء موسوعيين يبحثون في شتي المجالات دون عائق. ومن ثم سارت حرية البحث إلي الأمام إلي أن ظهر الاستعمار الغربي وبدأ يدب المرض في أوصال الأمة، والسعي حثيثا علي عدم تقدمها وتقييد حريتها، في شي المجالات التي منها البحث العلمي، الذي هو عصب التقدم في مكان.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق